الأحد، 12 مايو 2013

ماجدة صبرا - معالي سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عوّاض عسيري لـ"الشراع": تواصُلُنا مع حزب الله مهـني

أكد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حريص كل الحرص على درء الفتنة السنية – الشيعية، كما أكد ان أبواب السفارة في بيروت مفتوحة أمام كل القوى السياسية اللبنانية، وان دور السفارة ديبلوماسي وناقل للرسائل ما بين هذه القوى والقيادة في المملكة.. وان تواصل السفارة مع حزب الله مهني وان الموقف السعودي الإيجابي من تكليف النائب تمام سلام بتشكيل الحكومة جاء لمباركة الاجماع اللبناني على هذا التكليف...
تتمة الموضوع في الأسفل


معالي سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عوّاض عسيري لـ"الشراع":
تواصُلُنا مع حزب الله مهـني

ورنا كسفارة استقبال الرسائل ونقلها إلى القيادة
*ليس من حوار قريب ترعاه السعودية وإعلان بعبدا يخدم لبنان واللبنانيين
*الشؤون الداخلية اللبنانية خط أحمر لا نتجاوزه
*الملك عبدالله حريص على درء الفتنة السنية – الشيعية
*السفارة في بيروت لا تغلق أبوابها بوجه أحد
*السائح السعودي والخليجي ينتظر عودة الأمن والاستقرار إلى لبنان.. ليزوره
*المرأة في السعودية تحتل مراكز اجتماعية وثقافية وتشارك في التنمية والتعليم والرعاية الصحية
*دخول المرأة السعودية إلى مجلس الشورى ليس التطور الوحيد
*الملك يتخذ القرارات الحكيمة المنسجمة مع روح العصر وحاجات وتطلعات المملكة وطموح الشعب



أجرى الحوار: ماجدة صبرا

أكد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حريص كل الحرص على درء الفتنة السنية – الشيعية، كما أكد ان أبواب السفارة في بيروت مفتوحة أمام كل القوى السياسية اللبنانية، وان دور السفارة ديبلوماسي وناقل للرسائل ما بين هذه القوى والقيادة في المملكة.. وان تواصل السفارة مع حزب الله مهني وان الموقف السعودي الإيجابي من تكليف النائب تمام سلام بتشكيل الحكومة جاء لمباركة الاجماع اللبناني على هذا التكليف، متمنياً ان ينسحب على التأليف.. مع تأكيد ان السعودية لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية التي تعتبرها خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه..

كما تمنى السفير عسيري عودة الاستقرار والأمن والامان إلى لبنان كي تعود حركة المواطنين السعوديين والخليجيين إلى ربوعه..

حول هذه العناوين وعناوين أخرى تناولت الجنادرية والمرأة السعودية والخطوات الاصلاحية التي يخطو بها الملك عبدالله بالمملكة نحو التطور والنمو، كان هذا الحوار مع السفير عسيري:


# لوحظ عودة للدور السعودي إلى الحياة السياسية اللبنانية بعد انكفاء حوالى العامين، عبر تزكية النائب تمام سلام لتأليف الحكومة. ما هي أسباب هذه العودة بهذا الزخم وفي هذا التوقيت؟

- المملكة العربية السعودية موجودة دائماً في لبنان ولم تبتعد، ولكنها تقدر مشاعر اللبنانيين، فعندما ترى تفاعلهم الإيجابي تتفاعل معهم، لذلك عندما اختار 124 نائباً النائب تمام سلام لتشكيل الحكومة، فرحت المملكة بهذا الاجماع والتوافق اللبناني، آملين أن يقود هذا الاجماع إلى مرحلة أفضل من المرحلة الحالية، لأن المنطقة تمر بحراك سياسي يحتاج إلى الحكمة والاجماع والتوافق في الرؤى بين القوى السياسية اللبنانية.

وأملنا أن ينسحب الاجماع في التكليف على التأليف، وان يتم التكافل في اختيار فريق العمل في الحكومة التي ستقود البلاد في المرحلة المقبلة. لأن هذا سيؤدي إلى إراحة اللبنانيين، وان يتوافر الاستقرار الذي سيحمي لبنان ويحصنه من الكثير من الانعكاسات التي لا نتمناها للبنان.

# البعض قال ان كلمة السر في تكليف الرئيس سلام جاءت من السعودية، إلى أي مدى صحة هذا القول؟

- أؤكد لك تماماً، ان جميع القوى السياسية تعرف تماماً ان المملكة العربية السعودية لم تتدخل على الاطلاق في اختيار رئيس الحكومة، لأن المملكة تدعم المسيرة السياسية الإيجابية في لبنان كما تدعم الاستقرار ويهمها جداً الاستقرار في لبنان والحراك السياسي الإيجابي الذي يخدم التلاحم اللبناني.

# ممَ تخاف السعودية على لبنان كي تدفع بهذا الزخم باتجاه تكليف النائب سلام لتشكيل الحكومة؟

- نحن تفاعلنا مع التفاعل الإيجابي اللبناني، فعندما رأينا 124 نائباً من أصل 128 تحركنا معهم، بعد ان رأينا ان هناك إيجابية ووحدة صف لبنانية من كل القوى السياسية. وبالتالي هذا الاجماع، يقود أي محب للبنان إلى التفاؤل، لذلك باركت المملكة هذه الخطوة متمنية أن ترى خطوات إيجابية متتابعة تسير على المنهج ذاته من الاجماع والتوافق واللحمة السياسية التي ستحسن من أوضاع لبنان.

# برأيكم هل التواصل السعودي مع قوى 8 آذار سيؤدي إلى دفع الحركة السياسية باتجاه التفاهم؟

- نحن نتواصل كسفارة المملكة العربية السعودية مهنياً مع كل القوى السياسية، فسفارة المملكة ليست كأي سفارة أخرى، لأنها تخدم اللبنانيين بمختلف طوائفهم وأخص بالذكر المسلمين، فالمملكة شرّفها الله بوجود الحرمين الشريفين على أراضيها، فالمطلوب من سفارتها في لبنان أن تقدم الخدمات إلى كل من يود زيارة بيت الله الحرام للحج أو العمرة، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله حريص كل الحرص أن نقدم الخدمات لكل حاج ومعتمر، وبالتالي السفارة لا تستطيع أن تغلق أبوابها بوجه أحد. نحن وسط مجتمع محب للمملكة وهناك تفاعل اقتصادي إيجابي وتفاعل ديني، فالحج والعمرة مستمران طوال السنة.

إذن الخدمات التي تقدمها سفارة المملكة تختلف عن خدمات أي سفارة أخرى في لبنان. فالمطلوب ان نتفاعل إيجابياً مع الجميع لنرقى إلى طموحات خادم الحرمين الشريفين في تقديم الخدمة المرجوة، فالمملكة تنفق الملايين من أجل تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وبالتالي المطلوب منها أيضاً أن تقدم هذه الخدمة لمن يرغب بزيارة الاراضي المقدسة من المسلمين.


تبادل الرسائل

# هل سيصار إلى إحياء لجنة التواصل بين السعودية وحزب الله، التي زارها في وقت سابق الشيخ نعيم قاسم والوزير محمد فنيش، ويقال ان للشيخ قاسم زيارة قريبة إلى المملكة؟

- أؤكد ان تواصلنا مع حزب الله كسفارة هو تواصل مهني.
كما ذكرت أبواب السفارة مفتوحة لكل اللبنانيين، فهناك تواصل في مواسم الحج والعمرة، وهناك تواصل سياسي لما يخدم مصلحة لبنان، لكن لا علاقة له في الحوار مع المملكة، فعندما يرغب حزب الله أن يكون هناك تفاعل مع المملكة أو لديه رغبة في الحوار مع المملكة، فدورنا كسفارة أن نستقبل الرسائل الايجابية وننقلها إلى حكومتنا في المملكة العربية السعودية، وقيادتنا هي التي تقرر مدى جدية الحوار وإيجابيته.

ويتابع السفير عسيري:

- الحوار دائماً إيجابي. والسعودية تدعم المسيرة الامنية والاستقرار في لبنان، وستبذل كل جهدها لإنجاحه، ولكن عملية تواصلنا مع حزب الله هي تواصل مهني داخل لبنان، أما إذا كانت هناك رغبة في تطوير هذه العلاقة حتى ترقى إلى حوار معين، فدورنا كسفارة أن ننقل الرسائل، وعلى ضوئها تتخذ القيادة ما تراه مناسباً.

# هل هناك رسائل بهذا المعنى، أي هل نعد أنفسنا بحوار قريب بين اللبنانيين ترعاه السعودية؟

- المملكة لا تتدخل وليس من طبعها التدخل في الشأن الداخلي اللبناني الخاص. هناك حوار دعا إليه فخامة الرئيس ميشال سليمان وأنتج ((اعلان بعبدا)) وقد أقر من جميع القوى السياسية وهو قائم، ولو طُبق وتُرجم على أرض الواقع سيخدم لبنان واللبنانيين.
المملكة لا تتدخل في كيف يتحاور اللبنانيون ومتى يتحاورون، هي تشجع كل الافرقاء للالتقاء حول طاولة واحدة وإيجاد حوار بنّاء بين كل القوى السياسية، لأن الحوار المباشر والبنّاء مفيد، وأؤكد الحوار اللبناني – اللبناني، دون تدخل أي جهة أخرى، هذا الحوار ستكون نتائجه إيجابية للبنان ولمستقبله وللحراك السياسي في ظل الانعكاسات التي بدأنا نراها تصل إلى لبنان.

# قيل الكثير عن زيارة وزير الطاقة جبران باسيل إلى السفارة، والتي جاءت بعد حملة الانتقادات التي كان يتناول فيها رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، السعودية ويقال ان غاية وزير الطاقة من هذه الزيارة البحث في التوزير في الحكومة الموعودة؟

- أبداً، والوزير صرح عن غايته من الزيارة، وزيارته مرحب بها في السفارة، فنحن كما ذكرت حرصاء كل الحرص على الحوار مع كل القوى السياسية والجنرال عون أحد المكونات السياسية في لبنان كما حزب الله. واجبنا كسفارة أن نفتح أبوابنا ونستقبل من يرغب في زيارتنا ونقل رسائل المودة التي نحملها من قبل القيادات، والجنرال عون طلب نقل تحياته ومودته لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، ونحن نؤدي دورنا كديبلوماسيين وبتوجيهات القيادة، في المساعدة على تحسين العلاقات بين كل القوى السياسية في لبنان، وبين المملكة والمؤسسات اللبنانية وبين الوزارات المعنية في البلدين، وهذا ينعكس إيجاباً سواء على حركة التجارة أو السياحة. وعلاقة المملكة بلبنان يطغى عليها الجانب الأخوي أكثر من السياسي والديبلوماسي، ومن هذا المنطلق نحن نتحرك ونستقبل ونبذل كل جهد لنتواصل من أجل لبنان.


انفلاش متطرف

# ما رأيكم بما يقال ان هناك رغبة قوية لحزب الله بعودة السعودية إلى واجهة الدفع باتجاه الحلول السياسية في لبنان، لتخفيف ((انفلاش)) بعض الجهات الأصولية التي لقيت دعماً مالياً من جهات عدة في الفترة الماضية وبدأت تميل إلى التطرف؟

- المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على درء الفتنة السنية – الشيعية، ونحن نعبّر عن هذا الحرص، أمام كل الجهات المعنية سواء أكانت سنية أم شيعية. ففي كل لقاء مع أي طرف لبناني نعبر عن حرص واهتمام خادم الحرمين الشريفين في درء هذه الفتنة، والخوف، لا سمح الله، أن ينجر إليها لبنان.
من هذا المنطلق دعا الملك عبدالله الى ((حوار المذاهب)) الذي نرى انه مهم جداً ليتعامل مع ما ذكرته إذا كان هناك أي تطرف من الجهتين، والحث على الحوار العلمي والديني بين المذاهب، ويبين للآخرين ان المذاهب وُجدت رحمة للمسلمين وليست للخلاف بينهم، وحرص الملك عبدالله شخصيا على درء الفتنة لأنها وللأسف ستكون مضرة للجميع، ولذلك المطلوب من جميع القوى السياسية أن لا يتطور الخلاف في وجهات النظر السياسية إلى خلاف مذهبـي وبالتالي يزيد التطرف وتزيد الفرقة بينهم. المطلوب هو الحوار والاعتدال، الاعتدال، الاعتدال، هذا هو المطلوب من كل القوى السياسية من أجل أن يتحاوروا ويؤثر اعتدالهم بشكل إيجابي على جمهورهم.


فتاوى الجهاد

# رغم اننا نعيش في لبنان حالياً على وقع فتاوى الجهاد المتبادلة من جانب حزب الله وأطراف أخرى دينية في طرابلس وصيدا للقتال في سورية برأيكم هل هناك خوف على لبنان؟

- اعتقد ان لبنان اتخذ خطوة إيجابية بسياسة ((النأي بالنفس)) وكانت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي قد بعثت برسالة حملها أمين عام مجلس التعاون إلى لبنان تحمل حرص المملكة وكل القيادات في الخليج بأن يلتزم لبنان بهذه السياسة، أي النأي بالنفس، لكن ما نراه اليوم يخالف الواقع، وما يترتب عليه سيكون أسوأ، وبالتالي نحن نتمنى أن نرى لبنان مستمراً بسياسة النأي بنفسه عما يحصل في سورية.

# هل ستؤدي السعودية دوراً ما في تشجيع لبنان بالالتزام بالنأي بالنفس؟

- كانت السعودية ودول مجلس التعاون واضحة وصريحة في الرسالة التي سُلّمت إلى فخامة رئيس الجمهورية، والتي نقلت هذا الاهتمام. ونحن نأمل ونتمنى أن يلتزم اللبنانيون بما أقروه في ((إعلان بعبدا)) وما نراه اليوم من الجهتين من تصرفات وسلوك غير مقبول، لأنه يقحم لبنان في ما لا يتمناه اللبنانيون.

# يقول بعض الخبثاء ان هناك استدراجاً للسعودية للحياة السياسية اللبنانية من أجل إفشالها؟

- الثوابت في سياسة المملكة صريحة وواضحة، هي لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد. والتاريخ يشهد انه لم يأت لبنان من السعودية إلا كل الخير، وكل نصيحة أخوية مخلصة توجهها القيادة للبنان في الحكومات السابقة والحالية، فالسعودية مشهود لها بحرصها على لبنان، واعتقد ان اي رأي يناقض ما ذكرته هو غير واقعي، المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وينحصر دورها في تشجيع ومباركة أي إجراءات إيجابية واي توافق وإجماع لبناني يحمي البلاد ويوفر المزيد من الامان والاستقرار للبنان.


الاطفائي السعودي

# اعتدنا على السعودية ان تؤدي دور الاطفائي في لبنان، ماذا يقلق السعودية على لبنان الآن، الخلافات بين اللبنانيين، ام استمرار الحريق في سوريا وانعكاساته على لبنان؟

- يقلقنا كل ما ذكرته، والتطورات في سورية وانعكاساتها على لبنان. نحن نعلم ان لبنان وبحكم الجغرافيا يتأثر بالاحداث في سورية. واهتمامنا ينطلق من هذه النقطة، ونحن نرى ان المسؤولية تقع على عاتق اللبنانيين. واللبنانيون فيهم الخير والبركة والكفاءة في تحمل هذه المسؤولية، والتعامل معها. اما السعودية فهي ترسم خطاً احمر لمدى تدخلها. السعودية لن تتدخل في اي شأن داخلي لبناني، ولكنها تبارك المسيرة السياسية التي توفر للبنان واللبنانيين الامان والراحة والاستقرار.

# الاتصالات التي تجري بينكم وبين الافرقاء اللبنانيين الى ماذا تدعونهم؟

- صدقيني، كل فريق نعيد له ما بـلّـغنا به الفريق الآخر، من حرص المملكة على استقرار لبنان، ومن حرص خادم الحرمين الشريفين على الحوار بين الافرقاء السياسيين في لبنان، وحرصها على التفاعل الايجابي بين كل اللبنانيين، وعلى درء الفتنة السنية – الشيعية، وهذا ما يحرص عليه الملك عبدالله وهذه هي الرسائل التي ننقلها الى كل فريق نقابله.

ويتابع العسيري:

- كما ندعو الافرقاء للإحتكام الى المؤسسات والتركيز على اهمية الاستقرار في لبنان والتوافق السياسي. وما رأيناه من توافق النواب على اختيار دولة الرئيس المكلف أوجد راحة لمسناها على ارض الواقع، لذلك رسالتنا لكل فريق نقابله تكاد تكون واحدة، نوجهها بكل شفافية وصدق واخلاص، فهذه هي سياسة خادم الحرمين الشريفين، وما نقوله نقوله بود وصراحة لأننا نأمل ان نرى لبنان آمناً ومستقراً. فكل ما نقوله هو في اطار التشجيع والنصح ونتوقف عند هذا الحد، فنحن لا نملي على اللبنانيين ولا نتدخل بشؤونهم.

# هل هناك قلق سعودي من تأجيل الانتخابات النيابية او إفشالها؟

- تأليف الحكومة هو شأن لبناني، واجراء الانتخابات النيابية هو شأن لبناني أيضاً، وكل ما يجري داخل لبنان نرى انه شأن لبناني، واذا كان يخدم مصلحة لبنان فنحن نشجعه، لكن لا نملي على اللبنانيين بإجراء الانتخابات مثلاً. نحن نقلق عندما نلمس عدم الاستقرار في لبنان ونقلق عندما نرى الاحتقان السياسي.. هذا ما يقلقنا.


عبء سوري

# شكل النازحون السوريون الى لبنان عبئاً كبيراً على الدولة اللبنانية، كيف تساعد السعودية لبنان في هذه المسألة؟

- كانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي أرسلت الى لبنان هيئات اغاثة رسمية، بالتنسيق المباشر مع الحكومة اللبنانية، ومنذ اندلاع الثورة في سورية وجه الملك عبدالله نداء الى الشعب السعودي لمؤازرة اشقائنا في سورية، فأقدم المواطنون السعوديون على التبرع. واليوم هناك هيئتان سعوديتان موجودتان على الارض اللبنانية تعملان بالتنسيق مع الحكومة ومع الجهات المعنية في لبنان لاستئجار وحدات سكنية وعلاج المرضى السوريين وتقديم الادوية، وكفالة آلاف الطلاب كي يتابعوا تعليمهم في لبنان، وهذا يجري علناًَ وبالتنسيق مع الجهات المعنية والوزراء المعنيين. كما جرى مؤخراً كفالة ثلاثة آلاف طالب اضافة الى الآلاف الذين سبق وكفلتهم المملكة كي لا يحرموا من التعليم، كما تم توزيع البطانيات ووسائل التدفئة والمواد الغذائية..
فالمملكة ومنذ اللحظة الاولى وهي في ميدان العمل الاغاثي، لمساعدة اللبنانيين والسوريين، وأنا واثق ان مثل هذا الاجراء يخفف عبئاً اقتصادياً عن الكاهل اللبناني.


المصطافون

# نحن على أبواب الصيف، هل نعد أنفسنا بعودة المصطافين السعوديين، وهل هناك من دفتر شروط لعودة السعوديين الى لبنان بعدما كان هناك في الصيف الماضي توجيهات بعد المجيء الى لبنان؟

- لم يكن هناك منع بل تحذير نظراً للأسباب الامنية، فإذا أزيلت هذه الاسباب، فالسائح حر في ان يتوجه الى اي مكان يشاء، فهو يريد زيارة بلد مستقر، فليس منطقياً ان يعـرّض عائلته وأطفاله للخطر، فهو يريد ان يمضي عطلته بعيداً عن اي هاجس امني. فإذا كان الامن مستتباً والاوضاع مستقرة فإن اي سائح خليجي سواء من المملكة او من اي دولة خليجية اخرى، رأى ان لبنان اصبح مستقراً وآمناً فهو حتماً سيزوره، ولن يكون هناك تحذير لهم بعدم المجيء. جميعنا يعلم ان كل الناس اصبحت الآن تتابع اخبار المنطقة والظروف الامنية التي تحيط بأي بلد، فعندما يرى الخليجي ان الامن مستقر والاسباب التي كانت تحول دون قدومه الى لبنان أزيلت فأنا واثق بأن الكثيرين منهم سيقرر المجيء لقضاء الصيف في لبنان.


الجنادرية

# انتهى منذ اسابيع مهرجان الجنادرية، الى اي مدى يشكل هذا المهرجان ثقلاً في الحياة الثقافية السعودية؟

- المملكة واسعة الاطراف، وكل موقع وكل اقليم له بعض العادات والتقاليد من حيث المأكل والمشرب والملبس والشكل المعماري للمباني والثقافة، فكانت احدى مبادرات خادم الحرمين الشريفين ان يجمع كل هذه الاقاليم وتتواجد في الجنادرية، فكل من أراد ان يتعرف الى احد الاقاليم من اقاليم المملكة سيجده حتماً في مجمع الجنادرية، اضافة الى مشاركة ابناء هذه المناطق بالرقصات والمأكولات الشعبية التي تختلف من منطقة الى اخرى، والصناعات التقليدية والتراثية والتي يجهلها الكثير من الناس، وهي المتواجدة من مئات السنين.
تتميز الجنادرية بتعدد الثقافات داخل الموقع الواحد.
فمن يحب المملكة ويود التعرف الى الاختلاف في المملكة رغم تشابهها يأتي الى الجنادرية. ومن المعروف ان كل نشاطات الجنادرية الثقافية يحضرها العديد من الشخصيات العالمية والعربية حيث تعقد المحاضرات والندوات فيحصل حوار ثقافي وتفاعل ايجابي. فالفكرة التي طرحها الملك عبدالله اننا نريد ان نعـرّف العالم بالثقافة السعودية بمختلف مشاربها، وغنى تعددها، وعلى امتداد 29 عاماً بُـذل الجهد الكبير، لذلك فإن كل سنة تمر على الجنادرية هي افضل من السنة التي سبقتها، وهو مستمر ان شاء الله ومتفاعل مع كل زواره الذين يأتون اليه من كل مكان.


المرأة السعودية

# دخول المرأة السعودية الى مجلس الشورى هل ستتبعه خطوات اخرى؟

- ما يؤسفني هو سوء الفهم عن المرأة في المملكة العربية السعودية، فالمرأة السعودية اصبحت، وبعد ان أُتيحت لها الفرصة للتعلم في كل المجالات الطبية والهندسية وكل العلوم المهمة، تحتل مركزاً اجتماعياً وثقافياً وعلمياً مهماً جداً. فمشاركتها في التنمية والتعليم والرعاية الصحية كان من زمن بعيد وليس وليد اليوم. والمملكة تنمو بشكل مضطرد وكل الخطوات التي يتخذها خادم الحرمين الشريفين تشكل نقلة نوعية لخدمة المرأة. فالملك عبدالله يتخذ قراراته بحكمة وشجاعة، وما نراه اليوم من تطور بالنسبة للمرأة ليس في مجلس الشورى فحسب، بل هناك تشجيع للعالمات، فكم من طبيبة وعالمة برزت على مستوى العالم، وهناك برنامج لكي يتابع عدد من ابنائنا تلقي العلوم خارج المملكة فهناك ما لا يقل عن 150 الف ما بين ابناء وبنات يدرسون خارج المملكة كجزء من التنمية السعودية. فالمملكة تريد ان تنمي كل قدراتها البشرية والاقتصادية، وتبعاً للخطة التي وضعها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزحفظه الله لدينا افضل الجامعات في العالم اضافة الى استضافة العلماء في هذه الجامعات كي تصبح في مستوى نظيراتها في العالم. كما ان الحراك الثقافي والعلمي بين المملكة والمؤسسات المعنية غير محدود. ونحن نشاهد يومياً مشاركة المملكة في المنتديات العالمية، المرأة الى جانب الرجل، فالملك عبدالله يركز على تطوير المرأة في السعودية كي تتولى المكانة التي تستحقها.

ويتابع العسيري:

- مجتمعنا اسلامي ونفتخر به، لدينا عادات وتقاليد كل الناس تحترمها، وفق هذا التطور فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزحفظه الله يراعي هذا الامر ايضاً، لذلك نرى ان المملكة تنمو بشكل تصاعدي وايجابي، ونحن كسعوديين نفتخر بهذه الخطوات، ونحن نرى انها ستجعل المملكة من افضل الدول المحافظة على قيمها الدينية وعاداتها وتقاليدها وفي الوقت نفسه الرقي بشعبها، ابناءها وبناتها.

# اعتدنا على الملك عبدالله ان يخطو خطوات اصلاحية في الحياة السياسية فهل اصبح الاصلاح كمسار ومنهج؟

- ما رأيناه من نهج اتخذه خادم الحرمين الشريفين في كل خطوة من خطوات الحياة، فالاصلاح ليس في جزء من الحياة وانما في كل خطوة من خطوات الحياة، ليس في السياسة فقط بل في كل شيء، فهو يولي الفقراء الاهمية الموازية لما يوليه من اهمية للتنمية البشرية وللجوانب الزراعية. فكل المشاريع في المملكة اذا اردنا ان نعددها لن تنتهي، فالملك لم يترك اي شيء مفيد للشعب ولمستقبل ابناء المملكة ولأمن الشعب واستقرار البلاد الا وكان سباقاً إليه. فرغم التحديات التي واجهتها المملكة في مكافحة الارهاب والتطرف الذي لا ينسجم مع الطبع السعودي ولا مع التقاليد السعودية، اتخذ الملك عبدالله قرارات حكيمة وشجاعة لحماية شعبه. فكان الخطاب الديني المعتدل لمكافحة الارهاب، وهناك برنامج لإعادة تأهيل من ضلوا عن الطريق، فالملك أمر بأن تكون النظرة الى هؤلاء انسانية ولكن حازمة في الوقت نفسه. فأنشأ مركز ((الامير محمد بن نايف)) لإعادة تأهيل من ضلوا عن الطريق، فحتى هؤلاء أولاهم اهتمامه لأنه ينظر اليهم كأبنائه، ورغم ان بعض هؤلاء ارتكب اعمالاً ارهابية وابتعد عن الدين والوطن، فكانت نظرة الملك لهم نظرة رحمة وحكمة بأن هؤلاء ابناؤنا، ويجب اعادة تأهيلهم، والكثير منهم عادوا الى طريق الصواب. فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله حكيم في كل اجراء اتخذه، فعندما يقتنع بأن هذا القرار او ذاك سينعكس ايجاباً على ابناء المملكة وتنميتها وأمنها يتخذه ويرحب به ويأخذ كل وقته لدراسته.
فمن طبعه ،حفظه الله ، الحكمة والتريث والتأني لاتخاذ القرار كي يأتي منسجماً مع العصر وحاجة المملكة وتطلعات القيادة وطموح الشعب. هذه المسيرة نراها مستمرة بفضل القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية.

[نُشر هذا الحوار في مجلة "الشراع" اللبنانية في 6 أيار/ مايو 2013، العدد رقم 1594).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق